أضيف في 21 مارس 2024 الساعة 23:06

تعديل المدونة وإنصاف المرأة: الطموحات وإكراهات تأويل النص الديني


نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية – مدى، ندوة حول موضوع: "تعديل المدونة وإنصاف المرأة: الطموحات وإكراهات تأويل النص الديني"، وذلك يوم الجمعة 15 مارس 2024 على الساعة الثامنة والنصف ليلا. وقد عرفت الندوة مشاركة سومية منصف حجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية التي تحدثت في مداخلتها عن مطالب حزبها في شأن تعديل مدونة الأسرة، وهي مطالب في معظمها تضع نصب عينيها الحقوق الفضلى للطفل والأسرة، مشيرة إلى معضلة زواج القاصر، حيث اعتبرت أن المشرع يقدم للمرأة بيد وينزع بيد أخرى، والمثال على ذلك المادة 20 من مدونة الأسرة التي أصبح فيها الاستثناء في زواج القاصر هو القاعدة، ما يضعنا أمام اغتصاب للطفولة، معتبرة أن المطلب الرئيسي هو الاجتهاد وإعمال مقاصد الشريعة.

في مداخلة عبد الواحد بنعضرا، باحث في التاريخ ومهتم بقضايا الخطاب الديني المعاصر؛ فإنه تطرق لموضوع "تعصيب العم لبنات أخيه في قضية السكن.. الاعتراضات والأفاق"، مشيرا في المداخلة إلى خطاب الإسلام السياسي، من خلال مجموعة من رموزه وعبر كتاباتهم وحواراتهم في الإعلام.  وقد تناول المتدخل الموضوع من خلال أربعة اعتراضات، يتعلق الأول بمسألة كون الإرث موضوع قطعي لا نقاش فيه، مشيرا إلى أن الإرث يندرج في باب الفقه، والفقه في أصله معدود في فنون المظنونات. والاعتراض الثاني يتعلق بمسألة "لا اجتهاد مع النص"، واعتبرها المتدخل عبارة ملتبسة، وبالعودة إلى استعمالها في موضوع الإرث، فإن الفقهاء اعتبروها ظنية الدلالة في مواطن كثيرة. أما الاعتراض الثالث فقد توجه إلى مسألة "التعصيب مرتبط بالحماية والنفقة وعلى قدر المغرم يكون المغنم"، معتبرا أن الأمر لم يعد موجودا، وضاقت السبل بالناس فكل منشغل بنفسه. كما أن الباحث قدم مثالا من الواقع، متسائلا إن كان مقبولا اليوم أن ينازع عم في الإرث بنتين تركا لهما والدهما شقة صغيرة ليعيشا فيها. وفي الاعتراض الرابع، قدم المتدخل اجتهادات لأعضاء من حركة التوحيد من خلال كتاباتهم تؤيد بعض ما تمت الإشارة إليه، وقد تناول بهذا الصدد كتابات الأساتذة: أحمد الريسوني وأحمد كافي وسعد الدين العثماني وتصريحات لعبدالإله بنكيران.

توجهت مداخلة بشرى عبده - فاعلة نسائية ومديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة – إلى إبراز مطالب الجمعية التي تمثلها، وكذا مطالب الائتلاف الذي يتشكل من أكثر من خمسة عشرة جمعية وشبكة على المستوى الوطني، وهي مطالب تعتبرها المتدخلة واقعية، وتأتي انطلاقا من المعاناة اليومية للنساء الذين يأتون يوميا إلى مراكز الاستماع ومن الملفات المعروضة على المحاكم. فقد تم تقديم هذه المطالب إلى للجنة المشرفة على تعديل المدونة، وبهذا الصدد أشارت المتدخلة إلى أن هذه اللجنة مختلفة عن اللجنة التي كلفت بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية، حيث كان هناك نقاش مستفيض بخصوص جميع النقاط المطروحة، دون عوائق ولا اعتراضات. وبخصوص المطالب التي قدمتها الجمعية والائتلاف، فإنها تنطلق من واقع لم تعد تطرحه فقط الجمعيات الناشطة في المجال، بل إن التقرير الذي أصدرته النيابة العامة، أبرز الإشكالات المرتبطة بتزويج القاصرات، حيث عبرت عن النسبة المرتفعة، وأشارت إلى ضعف الاقبال على المساعدين الاجتماعيين والأطباء النفسانيين، كما يتم التنصيص على ذلك بخصوص الاستثناء في تزويج القاصرات. وقد قدمت المتدخلة مجموعة من الإحصاءات التي تؤشر على المشاكل الحقيقية فيما يتعلق بالقضايا التي تطالب مؤسسات المجتمع المدني بمعالجتها في هذا التعديل.

 تطرق مراد برني زعيم -  باحث في فلسفة القانون -  في مداخلته إلى البنية الاجتماعية للمجتمعات، مشيرا انها عرفت تصدعا واختلالات تنحو بها نحو التغير. ففي المغرب تم الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، ومن النظام الاقتصادي العائلي الذي يستند على التكافل إلى اقتصاد عائلي يتأسس على الفرادة. وبالتالي أمام هذا التغير لابد من مراجعة منظومة القيم الرسمية، بمعنى أن التغيرات التي تمس البنيات الاجتماعية تكون هي قوة الدافعة نحو التغير، وهو ما حدث بخصوص مدونة الأسرة منذ وضعها سنة 1957 وما تلاها من تعديلات في سنوات لاحقة وصولا إلى مدونة الأسرة سنة 2004 ونقاش اليوم حول تعديلها. وفي هذا السياق، قدم المتدخل المسار الكرونولوجي للتعديلات التي عرفها قانون الأسرة، مؤكدا على الأصول التقليدية للقاعدة القانونية، مبرزا ذلك من خلال مدونة الأسرة، مشيرا إلى الفصل 400 من المدونة، والذي يرجع في كل القضايا التي ليس فيها جواب عليها إلى المذهب المالكي، وهو ما اعتبره المتدخل، مصباح علاء الدين الذي ينبري في كل لحظة.  وقد تفاعل الحضور مع النقاش المطروح بالكثير من الإضافات والأسئلة الموجهة للمتدخلين التي ركزت على عدم ملائمة القوانين المغربية للواقع، والتناقضات بين مدونة الأسرة  والمواثيق والاتفاقيات الدولية.

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا