أضيف في 4 أكتوبر 2017 الساعة 13:08

الدولة المدنية من منظور الإسلاميين


 اختار مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، أن يتناول موضوعين في غاية الأهمية والترابط يوم السبت 08 يوليوز 2017 بفندق "إيدو أنفا"، حيث تطرق في ندوة صباحية إلى موضوع "الدولة المدنية من منظور الإسلاميين"، وإلى موضوع "الحريات العامة بالمغرب: من حرية الاعتقاد إلى حرية الضمير".

استضاف مركز مدى في ندوة "الدولة المدنية من منظور الإسلاميين" فاعلين سياسيين وباحثين أكاديميين؛ المداخلة الأولى كانت للفاعل السياسي المصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الذي أكد خلال مداخلته على دعوة الجماعات والأحزاب الإسلامية على ضرورة التخلص من الماضي والعودة إلى النصوص المؤسسة (القرآن والسنة) وإعادة قراءتهما قراءة موضوعية، مشيرا إلى أن القراءة الموضوعية لهذه النصوص ستبين أنه لا تعارض بين ما حاولت التأسيس له وما تعنيه الدولة المدنية من تطبيق لنظام الحريات وتقبل الناس من مختلف الديانات. وقد قدم الأستاذ المعتصم مجموعة من الشواهد من حياة النبي تؤكد على الفصل بين الديني والدنيوي. وقال المعتصم في ختام مداخلته إن الرهان على الجماهير لا يكون باللعب على وتر الدين بل اختيار الديمقراطية كإستراتيجية.

وذهب الباحث في الدين والسياسة الأستاذ "عبدالإله الكلخة" في ذات الندوة إلى الغوص في التاريخ من أجل توضيح اختيار بعض المفكرين والحركات الإسلامية في فترات من تاريخ "الأمة" الحديث عن الخلافة، حيث يرتبط هذا التاريخ بزوال الخلافة العثمانية، وكان هم جميع الحركات مكافحة الاستعمار ثم الاستبداد وتنوير الوعي... أصبح الحديث لحظتها عن "دولة الخلافة" باعتبار الشورى هي الديمقراطية، والدعوة إلى استعادة المجد بالعودة إلى البدايات الإسلامية، وبالتالي كان الالتفات إلى "الخلافة الراشدة" وما أنتجه المفكرون وقادة الحركات الإسلامية من مفاهيم "الحاكمية، الصحبة..." كانت الهيمنة لهذه المفاهيم لدى "حسن البنا، سيد قطب، أبو الأعلى المودودي.." من أجل مواجهة الآخر (الغرب المستعمر). وبالتالي فإن الحديث عن هذه المفاهيم له سياقه، أما اليوم فهناك تطور لدى الجماعات الإسلامية مخالف للطرح الأول "الحاكمية لله"، صاحبه تطور في الإدراك والوعي والرؤية السياسية، وإن كان الحديث في فترة سابقة لدى الإسلاميين عن "الدولة المدنية" يبعدهم عن الدولة المثال "الخلافة"، وهو ما أصبح يضعهم في دائرة الصراع السياسي، ولم يبدأ الحديث عن "الدولة المدنية" لدى الإسلاميين إلا بعد ظهور المشاركة كفعل ملح "النهضة، الإخوان...".


الباحث في علم الاجتماع السياسي "محمد أكديد" لم يتطرق إلى الموضوع من جانب حركات الإسلام السياسي السني فقط، حيث اختار التطرق إلى "الدولة المدنية" من منطلق الأدبيات الشيعية في مداخلة تحت عنوان "مباني الدولة المدنية في الفكر السياسي الشيعي.. من "ولاية الفقيه إلى ولاية الأمة". فإذا كانت بعض الجماعات الإسلامية ترى بأنه لا يجوز أن يصبح يوم على المسلمين وليس فيه بيعة لخليفة انطلاقا من نصوص دينية، فإن الأستاذ محمد أكديد أكد في بداية مداخلته على أن العقيدة الشيعية تؤكد على أن الأرض لا يجب أن تخلو من إمام "حاضرا كان أو غائبا"، إلا أن هناك اختلاف بين الطوائف الشيعية في مفهوم الإمامة وشروطها. فهناك طوائف ترى بأن الشرط الأساسي للإمامة هو الانتماء لآل البيت، وهناك من يضيف العلم والعدل ضمن الشروط الأساسية. وقد وضع الأستاذ "محمد أكديد" الحاضرين في هذه الندوة أمام مجموعة من المفاهيم المرتبطة بمختلف الطوائف الشيعية وتلك التي بينها اختلاف كبير حول الإمام الاثني عشر والغيبة الكبرى، وانقسام الشيعة إلى طائفتين إخبارية وانتظارية، بين التي ترى بضرورة اختيار نائب للإمام وبين التي تنتظر عودة الإمام. في مقابل ذلك هناك تيار أصولي حاول الخروج من البوثقة وتقديم اجتهاد بتكريس "ولاية الفقيه". كما تحدث الأستاذ "أكديد" عن دور المراجع الشيعية في الجهاد ضد الاستعمار و ضد الروس في جنوب إيران. إلا أن "ولاية الفقيه" ستظل محط خلاف وسجال طويل الأمد بين الفقهاء إلى اليوم، ولعله الصراع الذي ينعكس اليوم بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران.


المداخلة الرابعة في ذات الندوة للباحث في علم الاجتماع "وديع جعواني" الذي كانت مداخلته في استقراء وثائق حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، حيث تميزت المداخلة بالعودة إلى المراحل المؤسسة للحركة الإسلامية بالمغرب، ثم التقاطع المستمر بين مفاهيم ومبادئ حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح؛ ليؤكد في هذا الإطار بأن حزب العدالة والتنمية طيلة هذا المسار السياسي لم يتخلص من طابعه الدعوي.


والجماعات الإسلامية بالمغرب كلها في نظره تهدف إلى الحكم بما أنزل الله، وبالتالي فهي تسعى إلى إقامة الدولة الدينية ليس فيها فصل بين ما هو سياسي وديني واجتماعي، ولذلك نجد –في نظره- بأن حزب العدالة والتنمية من خلال وثائقه يؤكد على أن المرحلة تقتضي التضرج، والتعاون، والاعتراف بأننا داخل دولة متعددة المشارب والمذاهب، ومن هنا يلاحظ أن الحزب يؤكد على تبني خيار الدولة المدنية أولا ثم خيار الدولة الإسلامية لاحقا. إن منتسبي حزب العدالة والتنمية في نظر الأستاذ جعواني، يشتغلون، يستوزرون، يمثلون الدولة داخليا وخارجيا، لكن غايتهم هي الدولة الإسلامية وفي مرجعيتهم لا يمكن التنازل عنها. أما بخصوص جماعة العدل والإحسان فإنها تعتمد مقاربة "التغيير من القمة"، ولذلك فالباحث "جعواني" ينطلق من فرضية بالنسبة للعدل والإحسان ترى بأن الدولة الإسلامية كل شمولي، لا دولة تنازلات ولا دولة مرحلة، وبهذا تكون الجماعة قد اختارت منهج التمنع والمواجهة، ولم تختر سياسة الانخراط والتخلي عن المبادئ، وهنا يأتي على ذكر نماذج رسائل "عبدالسلام ياسين"، وبالتالي فالجماعة تمتنع عن المشاركة السياسية في ظل دولة لا تعتمد المرجعية الدينية في كل مجالاتها.


 

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا