أضيف في 4 يوليوز 2017 الساعة 17:36

القوى السياسية المغربية.. أية علاقة بين التحالفات والبرامج الحزبية؟


عبر الأستاذ بلال التليدي، –عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية- في معرض مداخلة له بندوة نظمها مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى- بمدينة الدارالبيضاء يوم السبت 17 دجنبر الجاري، على أن المشهد السياسي يعرف ديناميات غير متوقعة المستقبل، وأكد أن اللحظة التي نعيشها اليوم هي لحظة سياسية بامتياز، وكل من يحاول القفز على هذا المعطى بمحاولة تقديم قراءات غير دستورية لحل الأزمة الراهنة في تشكيل الحكومة، يحاول أن يدفع إلى كثير من الضبابية والغموض. وأشار المتدخل إلى أن انتخابات 07 أكتوبر الماضي لم تفرز نتائج رقمية بقدر ما أفرزت نتائج سياسية وأسقطت أطروحات متقادمة أهمها:

-هندسة الانتخابات، حيث لم يعد بمقدور القوى التي تتدخل من أجل تقييم نتائج التقطيع الانتخابي ونظام الاقتراع وتخفيض العتبة..

-الضبط المجتمعي: حيث أن السلطة فقدت هيمنتها في التحكم بالمجتمع عبر آلياتها وأعوانها لأجل استصدار أصوات لصالح جهة ما.

-سقوط قناعات راديكالية كانت ترى بأن التغيير لا يمكن أن يكون من داخل النسق والمؤسسات، والتي كانت ترى في أي تغيير من داخل المؤسسات غير ذي جدوى.

وأضاف المتدخل بلال التليدي أن ما أطلق عليه في الصحافة "البلوكاج" يفسر بنتائج الانتخابات حيث أن هناك جهات داخل الدولة ترفض قبول أي تغيير جزئي لصالح القوى الوطنية والديمقراطية. وأكد الأستاذ التليدي على أن هناك اليوم إرادة واضحة في الرجوع القهقرى إلى ما قبل حراك 2011، وأضاف بأن حزب العدالة والتنمية ظل محتفظا بالوفاء للقوى الديمقراطية التي كانت معه، وكذلك لحزب الاستقلال الذي أبان عن تصديه لمحاولات التحكم. مؤكدا في ختام مداخلته على أن حزب العدالة والتنمية لا يخشى الذهاب إلى إعادة الانتخابات وإن كانت تكلفتها أكبر ومصلحة البلد لا تقتضي ذلك، غير أن الأزمة هي ليست في ملعب العدالة والتنمية بالأساس.

لم يختلف الأستاذ سامر أبو القاسم –عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة- في مداخلة له بذات الندوة، مع الأستاذ التليدي في كون الأزمة سياسية بامتياز وليست دستورية، ذلك أن هناك مكونات سياسية تتحرك ولكل مكون أهدافه، وبالتالي لا يمكن الحديث من طرف مكون سياسي عن وجود ابتزازات، لأن السليم هو أن هناك مفاوضات وكل طرف يدفع بشروطه إلى أقصاها. كما عبر الأستاذ أبو القاسم على أن المغرب تجاوز مرحلة الصراع الحد، وأننا اليوم في مرحلة يمكن أن أختلف معك كما أشاء لكنني أتمسك بالدفاع عن حقك في الوجود. وفي تفاعل له مع الإشكالات التي طرحتها أرضية الندوة، قال المتدخل بأن هناك تطور هام في اهتمام المغاربة بمخرجات التحالف الحكومي، وأن على الأحزاب أن تنتبه إلى هذا الموضوع، وخصوصا عدم انزياحها إلى بناء تحالفات خارج تعبير وإرادة المغاربة. وأكد أبو القاسم منذ البداية على أن حزب الأصالة والمعاصرة عبر عقب إعلان نتائج انتخابات 07 أكتوبر عن كونه غير معني بنقاش تشكيل الحكومة وأن اختار الاصطفاف في المكان الطبيعي، وأضاف، بأنه عندما بدأت تروج وسائل الإعلام لبعض المغالطات اتصل الأمين العام للحزب برئيس الحكومة المعين وأعلن موقف الحزب من كوننا لن نساهم في تشكيل الحكومة، وغير معنيين بها، ولن نشوش على تشكيلها. كما أشار المتدخل في معرض مداخلته إلى أن التحالفات تتم بناء على الأفكار ووضع المصالح المشتركة للمتحالفين نصب الأعين، وفي أي تحالف لابد من تقديم التنازلات والتمسك بالمكاسب. وفي الحالة المغربية اليوم، هناك مد اليد للتحالف من طرف الحزب الأغلبي وفي الوقت نفسه هناك استقواء وتسويق لخطاب الابتزاز والتحكم، وهذا الخطاب يتطلب الإعلان عمن يبتز ومن يمارس التحكم. واستغرب أبو القاسم تمسك العدالة والتنمية بالتجمع الوطني للأحرار إذا كان بإمكانه تشكيل الحكومة من الأحزاب التي عبرت عن انخراطها في التحالف، وتساءل عن الهدف من وراء تسويق إمكانية الذهاب إلى إعادة الانتخابات رغم أن شروط تشكيل الحكومة متوفرة. وهنا، يضيف أبو القاسم، نتساءل كمواطنين ما الذي يدفع رئيس الحكومة المعين إلى التشبث بحزب معين لاعتبارات سياسية، وهذا ما ينبغي توضيحه للمواطنين الذي يتابعون مسلسل تشكيل الحكومة.

أكد سامر أبو القاسم كذلك في معرض مداخلته على أن تحالف ثمانية أحزاب قبل انتخابات 2011 كان الهدف منه قطع الطريق على وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وهذا الأمر نحن واضحون فيه وعبرنا عنه لأننا نختلف مع الحزب، وهذا طبيعي لأن أي حزب أو تحالف يسعى إلى الوصول للسلطة وقطع الطريق على خصومه.

المداخلة الثالثة كانت للأستاذ عبدالرحيم بنصر، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والإشتراكية- الذي عبر منذ بداية مداخلته على أنه طيلة الخمس سنوات الماضية وجه لوم كبير إلى حزبه بخصوص الانحراف عن هويته وطبيعته بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية، وحمل بنصر حزبه مسؤولية عدم توضيح وتقديم شروحات كافية لأسباب التحالف مع الحزب الأغلبي. وفي هذا الإطار يؤكد المتدخل على أننا في العالم العربي تعودنا على ثنائية تقليدية في التحالفات (يسار، يمين؛ إسلامي، علماني...)، وقال بأن المحدد الأساسي لحزب التقدم والاشتراكية في التحالفات ليس هو المعيار الأيديولوجي، لأن هذا المعيار لا يستقيم ولا يفيد المشروع التغييري للحزب. وتساءل الأستاذ بنصر، كيف أنه لم تطرح هذه المسألة عندما شاركنا في تحالفات مع مكونات الكتلة وعندما شاركنا في حكومة تضم الأحرار، وهل ما يجمعنا بحزب الاستقلال هو الاشتراكية؟، إن المحدد الأساسي بالنسبة للحزب في تحالفاته هو وصف المرحلة التي تمر منها بلادنا، وهمنا بالنهاية ليس جلد ذواتنا بل أن نتقدم، ولا يمكننا أن نتقدم إلا بتحليلنا لمعطيات الواقع. لقد تحقق ما تحقق في المغرب بفضل كفاح شعبنا ونضالات قواه الوطنية والديمقراطية، والمرحلة هذه، ليست مرحلة البناء الاشتراكي، هذا لم يقله حزب التقدم والاشتراكية أبدا، بل هي مرحلة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، وهذا يجعلنا نتحالف مع كل الأحزاب الوطنية والديمقراطية على أساس تحديد أين يكمن التناقض الأساسي، وحزب العدالة والتنمية هو حزب وطني، وبالتالي فطرح التحالفات يكون على أساس تحديد التناقض الأساسي ومعرفة ما يهدد بلدنا، وما يهدد البلد هو التبعية ورهاننا هو ضمان استقلالية البلد عن هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات وضمان استقلالية الاقتصاد الوطني.

وأكد الأستاذ بنصر خلال مداخلته على أن حزب العدالة والتنمية حزب إصلاحي وطني، تملك بعض القيم الديمقراطية، ويدخل في تناقض مع من يريدون أن يجروا البلد إلى المجهول. وقد عبر أمينه العام "عبدالإله بنكيران" منذ 2011 عن رغبته في التحالف مع مكونات الكتلة الديمقراطية. كما أكد المتدخل على أن كل الإشكالات التي وضعت أمام التحالف في الحكومة السابقة تم حلها بالحوار والتشاور. وأكد على أننا نطالب فقط باستحضار المكتسبات التي حققها هذا التحالف لشعبنا، وأن كل التخوفات من التراجعات على مستوى الحريات وغيرها من الإشكالات المجتمعية لم تطرح أبدا.

وفي تفاعله مع مداخلة الأستاذ أبو القاسم بخصوص عدم تشكيل الحكومة رغم توفر شروطها، أكد بنصر على أن الشرط العددي متوفر ولكن الشرط الذاتي لضمان حكومة قوية غير متوفر. وأكد ختاما على أن الوضع السياسي دائما أكبر من الدستور، وهدفنا هو حكومة تحقق الانسجام بين مكوناتها وبين المؤسسة الملكية.

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا