أضيف في 6 أبريل 2018 الساعة 15:28

الترامبية كفلسفة سياسية وأثرها على العلاقات الدولية


صورة من المحاضرة

احتضن مقر مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، محاضرة علمية تحت عنوان: "الترامبية كفلسفة سياسية وأثرها على العلاقات الدولية" وذلك يوم الأحد 26 فبراير 2018 على الساعة الثالثة بعد الزوال.

تميزت المحاضرة بإدارة الدكتور "المختار بنعبدلاوي" أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني، الذي قدم سيرة مختصرة للمحاضر، وأشار إلى موضوع اللقاء، مؤكدا أن مفهوم "الترامبية" يعطي ل "ترامب" أكبر من حجمه، وما يقوم به هذا الأخير يدخل ضمن مفهوم "الشعبوية"، وهو خطاب لا علاقة له بالواقع يسعى لنيل مكاسب سهلة وسريعة. من هذا المنطلق يأتي هذا اللقاء من أجل معرفة حالة هذه الظاهرة، وما الذي يفسر امتدادها في عالم أكثر عقلانية وأصبح معه الوصول إلى المعلومة أكثر يسرا، وكيف امتدت الظاهرة في زمن ينتظر فيه العكس؟ ثم كيف يمكننا التعاطي مع هذه الظاهرة وتوفير شروط تجاوزها؟


أكد الدكتور المحاضر "محمد الشرقاوي"، أستاذ تسوية النزاعات بجامعة جورج ميسن بواشنطن، وعضو لجنة الخبراء في الأمم المتحدة سابقا في نيويورك، في بداية مداخلته على أننا نعيش على مستوى العالم في مفترق طرق ومرحلة انتقالية تتجلى في العديد من المؤشرات، من بينها: "وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي بدون بريطانيا، الصراع في سوريا..."، ونشاط مثل هذا لمركز مدى يجعلنا نفكر في هذه الإشكاليات، جدير بأن يشجع الشباب على خوض غمار البحث والتشكيك، خصوصا أننا في مرحلة تعرف تساؤلات إقليمية ويجب أن نبحث لها عن أجوبة إقليمية متجاوزين مسألة "مركزية المعرفة".


في علاقة بموضوع "المحاضرة"، تساءل الدكتور "الشرقاوي": "هل يمكن أن نعتبر ما يقدمه ترامب يدخل في إطار الفكر السياسي؟"، مردفا: "سنكون أسخياء كثيرا إذا أجبنا بالتأكيد". لقد جعل "ترامب" العالم في دينامية وحراك غير مستقر، حالة من الارتباك والقلق، والكل أصبح ينتظر خرجاته واستفزازاته وقراراته المتسرعة. وإذا أردنا أن نتتبع تطور الظاهرة "كرونولوجيا"، يرى الدكتور الشرقاوي بأنه لا أحد يعرف كيف واصل "ترامب" توسعه منذ 15 يونيو 2015، ودخل في منافسة مع عتاة الجمهوريين وجيل من السياسيين ذوي الخبرة والحنكة، حيث بدأ هؤلاء المترشحون يسقطون تباعا وواحدا تلو الآخر منذ أكتوبر 2015 إلى 2016، حتى لا يبقى في الحلبة إلا هو. لقد سادت شعارات كثيرة من مثل "رجل التمرد السياسي"، "يريد تجفيف المستنقع" حتى فوجئنا به مرشحا للحزب الجمهوري. في مفارقة ثانية، لا تتعلق بالمرشح الرئاسي "ترامب" بل بالرئيس "ترامب"، نلاحظ أنه منذ دخوله البيت الأبيض وهو يستعجل القرارات السياسية، ففي أسبوع واحد من دخوله أصدر 17 قرارا، إلى أن جاء القرار الذي اعتبر أكثر إثارة للجدل والمتعلق بالقدس. هنا يتساءل الدكتور "الشرقاوي": "هل حقيقة ترامب بهذه القوة كما يدعي، أم أن هناك توازن سياسي في واشنطن بين البيت الأبيض والمؤسسة السياسية والمخابرات؟.


قال الدكتور "الشرقاوي" بأننا لا يجب أن نسقط في إسقاطات فهم "ترامب" كما نريد نحن، بل يجب إيجاد طريق إلى "ترامب" كيف يفكر، فسياسة هذا الأخير تقوم على الشعبوية حينا، وأحيانا تقوم على التناقض.

تناول الدكتور "الشرقاوي" الفلسفة "الترامبية" من خلال أربعة مداخل/ نظرية:

1-السياق العام السياسي والاقتصادي الذي أوصل "ترامب" إلى زعامة الولايات المتحدة.

2-سياسة الترويج ل "ترامب": كيف يبيع سياسته وكيف يحافظ على الحد الأدنى من المصداقية.

3-تأثير صعود "ترامب" على صورة أمريكا: ماذا بقي من الاستثناء الأمريكي.

4-تداعيات الترامبية على العلاقات الدولية وخاصة منها ما يتعلق بمنطقتنا العربية.

أشار –كذلك- الدكتور "الشرقاوي" إلى أنه هو أول من استعمل مصطلح "الترامبية" منذ خريف 2016، مؤكدا على أن هذه الأخيرة تقوم على ثلاثة مبادئ: الحدود الأمنية – القومية – سياسة خارجية تضع أمريكا أولا. على المستوى الاقتصادي تسعى إلى تطويع جميع المنظمات الدولية لمصلحة أمريكا اقتصاديا في الداخل والخارج.

بخصوص عبارة "أمريكا أولا" يشير الدكتور الشرقاوي إلا أن أول من استعمل هذه العبارة هو "ريغن" لكن العالم لا يتذكرها إلا ب "ترامب" وليس كموروث "ريغني"؛ وفي سياق آخر، يرى الدكتور الشرقاوي بأن هناك تنافسا بين الفكرة "الترامبية" والفكرة "الجمهورية" داخل الحزب الجمهوري، وترامب يحاول أن ينسف الحزب من الداخل ودفعه نحو اليمين، وهناك تنبؤ بتصدع انفجارات داخل الحزب، حيث هناك اليوم تصريحات لجمهوريين ترى بأن "الترامبية صيغة أخرى من المذهب المحافظ" وهي "العدو المعلن للفكر السياسي المحافظ". كما يتمسك الكثيرون بالقول إن ترامب ليست لديه سياسة مستقرة بل يصرح بما يريد مناصريه، وبالتالي فنحن أمام سياسة تحت الطلب. ثم إن "ترامب" يجد له تأييدا ومرتعا خصيبا في العمق الأمريكي.

تقوم الاستراتيجية الترامبية، حسب الدكتور الشرقاوي- على تسويق "ترامب" كرجل استعراض، يشعر الأمريكيين بأنه يريد التغيير، ويحسن خلق الانطباع بأنه رجل الحسم، ويتميز بالارتجالية والكذب (حتى عندما يحاججه بعض المراسلين لا يتراجع بل يتمسك بما يقول على أنه الحقيقة).

بخصوص ما تبقى من الاستثناء الأمريكي، يرى الدكتور الشرقاوي، بأن كاتبوا الدستور لهم آليات حفظ التوازن في المؤسسات، وهناك نوع من ضبط الإيقاع بين المؤسسات الثلاث، لكن مع ظهور "ترامب" فرطت أمريكا في هذا الاستثناء وأصبحت تدار على طريقة الدول النامية، وتنامى القضاء على الروح النقدية، وبالتالي –لو سمحت المؤسسات- لتحول "ترامب" إلى الإمبراطور الذي لم تراه أمريكا منذ تأسيسها.

في تأثير "الترامبية" على العلاقات الدولية المعاصرة، يرى الدكتور الشرقاوي، بأن هناك الآن اتجاهان يتفاعلان في واشنطن: نزعة أمريكية تتمشى مع عقيدة ترامب، وهناك اتجاه يتمسك بالنزعة العالمية (حتى داخل المؤسسات السياسية وزارة الدفاع والخارجية) وأصحابها هم الذين استطاعوا خلال عام إيجاد التوازن والحد من طموح "ترامب"، ولذلك ففي حضور هذا الأخير إلى مؤتمر دافوس صرح: "وإن كانت أمريكا تبحث عن مصالحها فهي ليست وحدها" مما يدل على أنه أصبح ينفتح على العالمية.

وفي علاقة بمنطقتنا العربية –يرى الدكتور الشرقاوي- بأن "ترامب" استطاع أن يبيع خطاب مكافحة الإرهاب بأعلى سعر إلى "الرياض"، وبالتالي أصبح يتعامل "ترامب" مع المنطقة العربية بمنطق "الصفقانية" وما يستتبع ذلك من تحويل منطقة الخليج إلى بقرة حلوب. وذلك يتماشى مع وعوده في السياسة الداخلية، حيث وعد الأمريكيين بإيجاد 25 مليون وظيفة، ولذلك يسعى إلى توفير الأموال لإنعاش سوق الشغل. إن "ترامب" يفتخر بأنه لا يفهم كثيرا في السياسة ولكنه يفهم في الصفقات، وإذا كانت السيارة سابقا يقودها السياسي ويركب معه الاقتصادي فإن ترامب يريد الاقتصادي هو الذي يقود والآخرون يجلسون ويسكتون.


 

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا