أضيف في 6 أبريل 2018 الساعة 11:45

الحماية القانونية للمرأة من التحرش والعنف بالمجال العمومي


صورة من اللقاء

احتضنت قاعة الندوات بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بمدينة الدارالبيضاء، يوم الخميس 22 مارس 2018 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا، يوما دراسيا تحت عنوان: "المرأة في المجال العمومي.. الحماية من التحرش والعنف" من تنظيم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، واتحاد العمل النسائي وجمعية التحدي للمساواة والمواطنة (مدينة الدارالبيضاء)، حركة بدائل مواطنة (فاس)، الجمعية المغربية للمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة (طنجة)، جمعية النخيل للمرأة والطفل (مراكش)، وبشراكة مع برنامج "أكاديمية المجتمع المدني بالمغرب".


تطرقت المداخلة الأولى خلال أشغال اللقاء والتي كانت للأستاذ "الحسين الراجي" المحامي ورئيس جمعية النخيل بمراكش، لقراءة حول إستراتيجية وزارة العدل لحماية العنف ضد المرأة، وتساءل الأستاذ إن كانت تتوفر فعلا وزارة العدل على إستراتيجية لمناهضة العنف؟"، كما أشار المتدخل إلى كرونولوجيا النقاش العمومي حول مسألة العنف والتجاذبات التي كانت حاصلة بخصوصه، والتطور الحاصل كذلك في المصادقة على جل الاتفاقيات الدولية، ما أوصلنا الآن إلى مصالحة تامة مع المنظومة الفكرية الحقوقية الدولية.

ذكر الأستاذ "الراجي" كذلك في مداخلته بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، التي كانت تعبر عن تصور مجتمعي تتبناه شريحة جد مهمة داخل المجتمع لكنها تصادمت مع التيار الأصولي في بدايه ظهوره، ما فرمل مجهود الخطة. حيث تم حجب هذه الخطة في سياق الصراع والتجاذبات التي تعكس تصورين لمجتمع. عندما تغيرت موازين القوى، تم إطلاق خطة "إكرام" والذي أريد لها أن تكون مشروعا مجتمعيا يتبناه المغرب، وكان هناك نقاش قوي، هل تكون آليات هذا المشروع جمعوية أم وزارية أم قانونية لينتهي النقاش لصالح وزارة الأسرة والتضامن بإحداث مرصد.

بخصوص استراتيجية مناهضة العنف، يرى الأستاذ الراجي بأن هناك استراتيجيتين على ما يبدو، الأولى خاصة بالدولة ومعلنة من خلال "دستور 2011"، والثانية خاصة بالحكومة والتي لا يمكن العثور عليها إلا في ثنايا القانون 13.103؛ إن قراءة أولية للقانون، تجعلنا نقف عند مفهوم "المحاربة" المستعمل كثيرا لأن الحكومة تعتقد أنها في حرب، في حين كان يجب الالتزام بمفهوم "مناهضة العنف"، غير أن واضعي القانون أصروا على المصطلح الأول، رغم أن جميع المتدخلين والفاعلين كان لهم رأي آخر قبل إصدار القانون. من الناحية التقنية نجد أن الديباجة تشير إلى أن "وزارة الأسرة" هي واضعة القانون بشراكة مع وزارة العدل، في حين أن وزارة العدل هي صاحبة الاستراتيجية الأولى، ولكن يبدو أن هذه الأخيرة لم تمتلك الجرأة لإخراج هذا القانون لأنه في عمقه يضرب الاتفاقيات الدولية عرض الحائط. إن هذا القانون –حسب الأستاذ الراجي- ليس إلا نسخا للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية والتعديل عليهما وهذا ما تجلى في البابين الثاني والثالث. لقد تغافلت الوزارة عن الكثير من مطالب المجتمع المدني بتجريم مجموعة من الممارسات، كما أن القانون لا يعترف بالجمعيات، حيث أن الجمعيات ذات المنفعة العامة وحدها من يحق لها أن تنتصب كطرف مدني وذلك لا يتأتى إلا بعد إذن مكتوب من الضحية، وهذا يدل على زرع نوع من اللاثقة بين المجتمع المدني والضحايا.

تخلص مداخلة الأستاذ الراجي إلى أن هذا القانون لم يأت لمناهضة العنف، وإنما هو مجرد "تحايل تشريعي".

في مداخلة ثانية خلال هذا اللقاء للأستاذة المحامية والنائبة البرلمانية السابقة ورئيسة اتحاد العمل النسائي السيدة "عائشة لخماس"، تطرقت المداخلة لموضوع "السياسة الجنائية المتعلقة بحماية المرأة من العنف"، وأكدت الأستاذة منذ بداية مداخلتها إلى أن العدالة الجنائية للنساء غير موجودة ولا تناقش من طرف المشرعين، بالإضافة إلى أن الحكومة هي التي تحتكر التشريع ولها كانت المبادرة الأكبر ما بين 2011 و 2016 حيث من مجموع 320 قانون، اقترح البرلمان فقط 21 مقترحا.

عندما تتحدث الأستاذة "عائشة لخماس" عن غياب العدالة الاجتماعية، فإنها تقدم في مداخلتها بعض الأمثلة، حيث أنه إذا القانون المصادق عليه ترى فيه الحكومة مساواة بين الجنسين، فإن هناك واقعا عمليا تعيشه المحاكم يناقض ذلك، حيث أن القانون ينص على أن الخيانة الزوجية تسقط بتنازل أحد الزوجين، ولكن أكثر من 99 بالمائة من الحالات النساء وحدهن من يتنازلن في مثل هذه القضايا. إن التشريع لا يراعي الوضعية الخاصة للنساء داخل المجتمع، فأغلب الأحكام الصدارة في جرائم القتل يحكم فيها بالتشديد على النساء وأغلب الأحكام بالنسبة لقتل الرجال للنساء فيها التخفيف. إن عقلية المفنذين للقانون لا تختلف عن عقلية باقي فئات المجتمع.

بخصوص القانون الذي تتم مناقشته اليوم في هذا اللقاء الدراسي، نجد أن المغاربة يسمونه "قانون التحرش"، والتنصيص في هذا القانون على مصطلح "المحاربة" يضعنا أمام فرضية منتصر ومنهزم، وبهذا القانون منذ البداية نعلن عن استعدادنا للإنهزام.

تؤكد الأستاذة "عائشة لخماس" على أن الحركة النسائية ناضلت ضد هذا القانون، وطالبت بقانون يحمي المبادئ الأربعة مثل "الوقاية" و "الحماية"...، إن نضال الحركة النسائية منذ 30 سنة لم يكن عبثا بل انطلاقا مما كانت تعيشه النساء من تمييز، وأشد أنواع التمييز هو الموجه ضد النساء.

هذا القانون الذي نحن بصدد مناقشته، حسب الأستاذة لخماس، قانون معاق سواء من ناحية التعريفات، وكانت مطالبنا في البرلمان إدراج مفاهيم الشرعة الدولية، مثل "القضاء على العنف" وليس "محاربة العنف"، ثم إن القانون لم يتضمن أية ديباجة، وبالتالي فنحن أمام قانون فارغ. نجد غيابا لواحد من أشد أنواع العنف وهو الاغتصاب.

خلصت الأستاذة "عائشة لخماس"، إلى أننا مطالبون جميعا –كجمعيات مجتمع مدني وهيئات ديمقراطية- بالعمل على المطالبة بقانون شامل وخاضع لمفاهيم الشرعة الدولية، ويمكننا أن نشتغل على مقاربة مقارنة وتناول القانون الاسباني في هذا المجال فهو مفصل وواضح.

المداخلة الثالثة خلال هذا اللقاء كانت للأستاذة "سعاد الطاوسي" عن جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، وقد قدمت في هذه المداخلة تقريرا حول البحث الميداني الذي أنجزته الجمعية بخصوص "التحرش في وسائل النقل العمومي".

تؤكد الأستاذة "سعاد" أن الاشتغال على موضوع "التحرش" جاء انطلاقا من الحادث المؤلم الذي عرفته حافلة نقل عمومي، وقد حاولت الجمعية صياغة مذكرة مطلبية حول "التحرش الجنسي" لكن في إطار بحثها لم تجد دراسات ميدانية يمكن الاستناد عليها لتقييم حجم الظاهرة، فكان لابد من القيام بهذه الدراسة التي حددت المجال بشكل دقيق ولم تتناول التحرش بشكل عام، بل في "حافلات النقل العمومي".


تأتي أهمية الدراسة من تناولها لفضاء بعينه ووسائل نقل محددة، وقد اشتملت الدراسة على عينة من 200 امرأة تم اختيارها بطريقة عشوائية، وكان الهدف من ذلك الرد على تمثلات تقول بأن من أسباب التحرش "لباس المرأة" و "الخروج في وقت معين" وهي مبررات أساسا لا تعطي الحق للرجل في ممارسة ساديته لأن الفضاء العام هو للجميع على حد سواء. من نتائج الدراسة أن 20 بالمائة من النساء هن المعيلات لأسرهن، وبالتالي فخروجهن في وقت محدد للعمل وعبر وسائل النقل هذه أمر ضروري. تضطر النساء إلى استعمال وسائل نقل متعددة ومن بينها "الخطاف" (الذي لا يشتغل وفق القانون)، وتعرضهن للتحرش في مثل هذه الوسيلة يجعلها أمام المجتمع هي المتهمة، وإن كانت مضطرة إلى استعمال هذه الوسيلة في تناس تام للمخاطر.

اكتشفت الدراسة أن هناك علاقة تداخلية لمجموعة من أنواع التحرش "اللفظي، الجسدي..."، بل إن هناك نساء تجاوزن الستين ويتعرضن للتحرش وهو ما يضعنا أمام كارثة وطامة كبرى ومشكلة أخلاقية عويصة.

قدمت الأستاذة "سعاد" خلال هذا العرض الحصيلة الإحصائية (نسبة المستجوبات في علاقة بالمستوى الدراسي والمهني...)، وخلصت إلى أن هناك تساوي في تعرضهن للتحرش. كما خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي يمكن أن تشكل ملفات ترافعية، ففي سؤال عن ارتياح المستجوبات في وسائل النقل كانت الأجوبة أنه ليس هناك ارتياح لمعاناتهن مع هذه الوسائل على مستوى "الاكتظاظ"، "احتكاك الاجساد" "التحرش" "عدم الاحترام" "السرقة وعدم الاحساس بالأمان" "سوء المعاملة" "السياقة المتهورة".... لتؤكد الأستاذة "سعاد" بالنهاية إلى أننا بحاجة إلى استراتيجية للقضاء على العنف والتحرش، وحتى لا يكون الحقوقيون وحدهم من يطالبون بتغيير القانون، فقد كانت لهذه الدراسة مقترحات مستقاة مباشرة من المستجوبات:

-49 مرة تكررت تشديد الأمن مما يدل على أنه لم يعد هناك إحساس بالأمن.

-الاكثار من الحافلات لمواجهة الاكتظاظ وما ينتج عنه.

-العقوبات الزجرية وردت 25 مرة في الدراسة.

-التربية الجنسية وردت 29 مرة.

 

 

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا