أضيف في 4 أكتوبر 2017 الساعة 13:31

الحريات العامة بالمغرب: من حرية الاعتقاد إلى حرية الضمير


صورة من الندوة

اختار مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، أن يتناول موضوعين في غاية الأهمية والترابط يوم السبت 08 يوليوز 2017 بفندق "إيدو أنفا"، حيث تطرق في ندوة صباحية إلى موضوع "الدولة المدنية من منظور الإسلاميين"، وإلى موضوع "الحريات العامة بالمغرب: من حرية الاعتقاد إلى حرية الضمير".

الندوة الثانية التي اختار لها مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، عنوان "الحريات العامة بالمغرب: من حرية الاعتقاد إلى حرية الضمير"، عرفت مشاركة باحثين ومنافحين عن حرية الاعتقاد والضمير بالمغرب، حيث كانت المداخلة الأولى للأستاذ "جواد مبروكي" المتخصص في علم النفس الذي تحدث عن إنكار الهوية الدينية لدى الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات مختلفة دينيا وقال بأنها تنتج مواطنا من الدرجة الثانية، ذلك أن الطفل الذي يتابع دراسته داخل المدرسة المغربية، يأخذ دروسا في الدين تختلف تمام الاختلاف عما لديه بالبيت، بل إنه يجد أن المدرسة تتبع نهجا في العطل الدينية والمناسبات لا يوافق تلك التي تحتفل بها أسرته، وبالتالي فغيابه عن المدرسة في يوم تذهب فيه عائلته إلى الاحتفال بمناسبة دينية يعرضه للمساءلة من طرف الأطفال ولا يجد جوابا غير المراوغة وهو ما يخلق لدينا طفلا يعاني من انفصام في الهوية. لقد اختار الأستاذ مبروكي التناول السيكولوجي لمفهوم الهوية، هذه الهوية التي تتطور بشكل دائم وتكتسب ولا توجد كمعطى. إن إنكار الأنا لدى الطفل يعطي زعزعة في الأنا الشخصي والجماعي للفرد وخصوصا الطفل.


المدخلة الثانية في ذات الندوة للأستاذ الباحث "إدريس هاني" الذي أكد منذ بداية مداخلته على الترابط بين ندوة الصباح والندوة المسائية، مؤكدا على أن الدولة المدنية بدون حرية اعتقاد وضمير تظل قاصرة. وأعطى الأستاذ هاني قيمة كبرى للكرامة، حيث أنني كإنسان يمكن أن أكون حرا لكن غير كريم، ولكن يمكن أن أكون سجينا لكنني أتمتع بالكرامة، فالكرامة إذن شرط أساسي للحرية.


تحدث الأستاذ هاني خلال مداخلته عن "المغاربة الشيعة" وعن التداولات الإعلامية التي لا أساس لها من الصحة، حيث أن الشيعة يجدون أنفسهم دائما متهمين أمام الصحافة والإعلام، فأي تصريح يمكن الإدلاء به ويعتبر إيجابيا ستعتبره الصحافة "تقية"، بالإضافة إلى سياسية "التهويل" بالادعاء الدائم أنه إذا سمحنا للمغاربة الشيعة بالبروز فإننا سنصبح مثل لبنان وسوريا وسندخل في حروب أهلية"، هذا أمر مخيف –حسب إدريس هاني- بالنسبة للذين يشاركونا المجتمع المدني أما الدولة فتحكمها الهواجس دائما وبها تشتغل.

الباحث في "السوسيولوجيا" الأستاذ "عبدالعالي صابر" تحدث في بداية مداخلته خلال ندوة "الحريات العامة بالمغرب: من حرية الاعتقاد إلى حرية الضمير" عن ضرورة التفريق بين مفهومي "حرية الاعتقاد" و "التسامح"، وهنا ذكر بالسياق الذي اتجه فيه العالم إلى المساواة بين المواطنين، مشيرا إلى "الثورة الفرنسية" وإقرار العلمانية، وعن الثورة الأمريكية في نفس الفترة والاستقلال عن بريطانيا، وعن أول دستور للولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين القوانين الأساسية التي تم تكريسها خلال هذه اللحظة "قانون حرية المعتقد"، أما بخصوص المغرب فهناك تاريخيا فعلا حماية لليهود والمسيحيين، ولكن ما أملى ذلك هو كونهم كانوا يتمتعون بمكانة داخل الدولة وليس لأن المغاربة يحترمون حرية المعتقد. من هذا المنطلق –حسب عبدالعالي صابر- فالمغرب لم يعرف يوما حرية المعتقد، ولكنه عرف تسامحا وفق ضغوطات مورست عليه، وهو الأمر الذي لا يختلف عما هو موجود اليوم، حيث هناك مواثيق دولية ومصالح مع الدول المختلفة هي ما تملي على المغرب احترام حرية المعتقدات، وفي هذا الإطار قدم مجموعة من الإحصائيات المبنية على بحوث ميدانية تبين عدم تقبل المغاربة –كمجتمع- لحرية المعتقد.


المداخلة الرابعة في الندوة المسائية كانت للأستاذ "محمد سعيد زاو" الباحث في مقارنة الأديان، حيث تحدث عن أول لقاء حول حرية المعتقد بالمغرب سنة 2012، والذي عرف حضور فعاليات مدنية لكنه تميز بغياب مكونات الحركة الإسلامية. وذكر بمرحلة النقاش حول دستور 2011 وغياب الإرادة السياسية في التنصيص على حرية المعتقد، كما أن هناك غياب الندية لدى الحركات المدافعة عن حرية المعتقد سواء أمام الحركات الإسلامية أو أمام الاتجاه الأصولي للدولة. وهنا ذكر بموقف "الريسوني" الذي قال بأن التنصيص على حرية المعتقد سيفرغ "إمارة المؤمنين" من محتواها، ولن يجد أمير المؤمنين أمامه مؤمنين. وبالتالي –حسب محمد سعيد- فالخرجات واللقاءات التي أصبحت تناقش حرية المعتقد تعمل وفق ضغط خارجي، وهذا ما لا يهم المطالبين بها، حيث أن ما يسعى إليه المغاربة المسيحيون مثلا هو الاعتراف الداخلي.


الأستاذ فؤاد عبدالمومني عضو المجلس الإداري للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تحدث في بداية مداخلته ردا على ما تحدث عنه المتدخل السابق "محمد سعيد" من كون الحركة الإسلامية هي التي رفضت التنصيص على حرية المعتقد، بالقول أن الذي حرك عبدالإله بنكيران وعباس الفاسي في حملتهم ضد حرية المعتقد هو المستشار الملكي "محمد المعتصم" وذلك في إطار مقايضة فرضها القصر، تطلب من هذه الأحزاب المحافظة تقديم وإسداء خدمة سيجازون عليها فيما بعد، وبالتالي فالقصر هو الذي دبر الحيلولة دون التنصيص على حرية المعتقد. وبالتالي فالدولة تضعنا أمام منظومة سياسية "كل المغاربة يجب أن يكونوا مسلمين سنيين ومالكيين"، لكن هناك إشارات "افعل ما تريد لكن لا تخلق لي مشكل مع المجتمع". إن جزء من متخيل القصر لا زال مبنيا على مسألة الهيمنة والتسلط داخل المجتمع.


إلا أن التغيير بالنسبة للأستاذ عبدالمومني يتم بالناس الموجودين داخل المجتمع، واليوم نلاحظ خروج لمجموعة من المكونات ولم تعد هناك ردود بنفس المستوى سابقا، ذلك أننا خرجنا من الفترة التي كنا فيها 90 بالمائة قرويين وأميين. والسؤال اليوم: "أية استراتيجية للتغيير السلمي الجماعي المقبول؟"

المداخلة السادسة لأستاذ أنثروبولوجيا الثقافة بجامعة الحسن الثاني "كمال فريالي" فقد تحدثت عن المفاهيم الأساسية في هذا اللقاء، عن تعريف مفهوم "الإنسان" ثم مفهوم "الدين" فمفهوم "حقوق الإنسان"... إن الإنسان حسب المتدخل هو مجموعة من الذوات الكونية التي تمتد ل 14 مليار سنة، والتوحيد لم يظهر إلا قبل 6000 سنة، وهو مرتبط بأيديولوجية وطقوس ومهن ووظائف. أما حقوق الإنسان فترتكز على الكرامة المتأصلة في البشر، والخوف من الجزع الوجودي يكبح الوصول إلى أجوبة قطعية.


الأنثروبولوجيا لم تلتحق بركب حقوق الإنسان إلا في سنوات متأخرة –حسب فريالي- وذلك بتأكيدها على أن قدرة الإنسان على إنتاج الثقافة يجب أن تحمى ولا يتم ذلك إلا بحماية حرية المعتقد، فالتنوع يخلق مجالا تتم فيه مقارعة الأفكار بالأفكار والانتقاء... إن غلبة الإسلام اجتماعيا بالمغرب –حسب فريالي- لا تتنافى مع حرية المعتقد وضرورة والتنصيص عليها.

المداخلة الأخيرة في الندوة المسائية كانت للأستاذ "عصام الخمسي" صيدلاني الذي اختار الحديث عن حرية المعتقد من مرجعية الجماعة الإسلامية الأحمدية، وأكد على أن الإسلام يحث على حرية المعتقد معتمدا على الشواهد الكثيرة التي يحفل بها القرآن والسنة والنبوية، وهنا آتى على ذكر مجموعة من الآيات والأحاديث النبوية والوقائع التي تؤكد أن حرية المعتقد متأصلة في المرجعية الدينية الإسلامية بشكل عام. مذكرا بأن المجلس العلمي الأعلى بالمغرب يرى بأن المرتد هو الذي يحارب النظام القائم ويهدد الأمن العام.


 

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا