انت الآن تتصفح قسم : برنامج الأنشطة

قريبا.. المنتدى المغاربي التاسع

أرضية الانطلاق ومحاور المنتدى

تشهد المنطقة المغاربية كغيرها من مناطق العالم دفقا معرفيا ومعلوماتيا، وطفرة في مناهج وأدوات البحث، فضلا عن متغيرات سياسية ومجتمعية كبرى أحدثها "الرّبيع العربي"، تقتضي إعادة النظر في قضايا المعرفة والسلطة والبنية المؤسسية المنتجة للمعرفة ومصادر إنتاجها، وطرق تداولها. أنتجت المعرفة الجديدة قوّة ناعمة، حازت مكانة مركزية متجاوزة أحيانا القوّة المادية، وانفتحت على مسالك مستحدثة في امتلاك القوّة البحثية.وقد أبدت العديد من البلدان العربية والمغاربية اهتماما مكثفا ودعما ملحوظا لإنشاء مراكز البحث "و"بيوت الخبرة"وتوظيفها واستثمارها، مستفيدة من اتساع دوائر الحريات الأكاديمية والبحثية.

لهذا بات من الضروري التفكير في مكانة المراكز البحثية وأثرها في منطقتنا خصوصا، وإدراك أدوارها ومهامها، وفهم صعوباتها وعراقيلها. وهو ما يستدعي من الباحثين مساءلة وضعيتها،ومدى قربها أو ابتعادها من التحول إلى فاعل مهم في مجالات إنتاج المعرفة،وهل تشكل حقيقة مكونا مميزا في المشهد المعرفي والسياسي العربي و المغاربي؟ إلى أي حد تحضر أو تغيب في بلورة الخيارات الإستراتيجية الوطنية والإقليمية؟

المحور الأول: الرّبيع العربي، والحاجة إلى المراكز البحثية

تشير  الإحصائيات إلى أن عدد المراكز البحثية المغاربية أقل من 50 مركزا بحثيا، وهو عدد ضئيل وأقل من المنشود، مقارنة مع بعض الدول العربية أو الإسلامية. خصوصا إزاء التحديات الجديدة التي أفرزها "الرّبيع العربي"، وما أثاره من قضايا بنيوية وإشكالات تشق المنطقة المغاربية، وتحتاج إلى المعالجة البحثية العميقة. وتبرز أدبيات سوسيولوجيا إنتاج المعرفة أن إنشاء مراكز البحث و"بيوت الخبرة" ليس ترفا فكريا بل ضرورة إستراتيجية،لمواكبة التحولات الحاصلة، حيث تنامت الحاجة إلى دورها في تشخيص الواقع وتحليله ووضع الخطط والسيناريوهات المستقبلية، وتقييم أداء مؤسسات المجتمع والدولة.

كما سيكون التركيز البحثي مهما في إبراز  قدرة  هذه المراكز  وحرصها على تنشيط انخراطها، وتحفيزها في اتجاه بلورة مناخات  ترتقي بأساليب صياغة السياسات العمومية ومضامينها، وإضفاء معايير الموضوعية على إدارة الشأن العام. فما مدى تفاعل المؤسسات البحثية مع المشاغل المستحدثة(الديمقراطية، مقاومة الارهاب، توطين القيم المواطنية، التنمية الجهوية،...)،وما هي الآفاق التي تتحرك فيها من أجل تقديم الحلول للمشكلات المجتمعية الطارئة؟هل للمراكز البحثية العربية والمغاربية أثر ملموس وواضح في السياسات الداخلية والخارجية، وطبيعة توجهاتها، والأدوات التي تستخدم في تنفيذها؟ ما هي الصيغ التي تقدم فيها منتجها الفكري والبحثي لأصحاب القرار وواضعي السياسات؟

 

المحور الثاني: مراكز البحث والتفكير: الوظائف والأدوار الممكنة

إن تعريف مراكز البحث  أو مؤسسات التفكير(ثينك- تانك) "Think Tanks"لا يزال محل خلاف كبير، نظرا لأن أغلبها لا تصنف نفسها (ثينك- تانك) كذلك، وإنما تعلن أنها منظمات غير حكومية وغير ربحية. يحتمل هذا التحديد أكثر من تعريف، بسبب التفاصيل الكثيرة التي تحيط به، والتسميات والعناوين المتنوعة، لهذا غدا من المهم مساءلة ما تكتنزه من معاني متباينة، وأن تكون موضع دراسة من قبل الباحثين بغية فهم طرق اشتغالها، وكشف وظائفها المكثفة.خاصة مع تصاعد طلبات الإسناد البحثي وإنشاء "ديار الخبرة"، من عديد الدوائر، مما يستوجب تفكيك مهام المراكز البحثية المتسمة بالتعقيد وتعدد المستويات،وتنوع الرهانات، وتحتاج من الباحثين تصنيف أدوارها المباشرة وغير المباشرة، وضبط مهامها البسيطة والمعقدة، ورصد إمكاناتها الوظيفية في الراهن والمستقبل.

ما الإضافة النوعية التي يمكن أن تقدمها المراكز البحثية في المنطقة العربية والمغاربية؟ كيف تساهم في دمقرطة إنتاج المعرفة إنتاجا وتداولا ونشرا؟ كيف يمكن لبيوت الخبرة المشاركة في التخطيط الاستراتيجي، وفي إنتاج معرفة ذات جدوى في معالجة المشاكل المطروحة وتقديم البدائل، والإسهام فعليا في السياسات العمومية؟  هل تمكنت المراكز البحثية من نسج صلات تشبيك وتعاون في مجال إنتاج المعرفة مع الجماعات البحثية و الهياكل الأكاديمية، وطنيا وإقليميا ودوليا؟ ما هي طبيعة علاقتها بالهياكل الرّسمية للدولة من ناحية وبمنظمات المجتمع المدني من ناحية أخرى؟

المحور الثالث: المراكز البحثية المغاربية،العوائق،الصعوبات والآفاق

يسعى هذا المحور إلى تسليط الضوء على العوائق والصعوبات التي تعيشها المراكز البحثية المغاربية،  فهناك عوائق موضوعية تتصل بمنسوب الحريات الأكاديمية والبحثية، وبعراقيل تحول دون النفاذ بيسر إلى المعطيات والإحصائيات أو إجراء البحوث الميدانية،مع غياب المناخ التشريعي الملائم لإنتاج معرفة موضوعية وناجعة في بعض البلدان. أما العوائق الذاتية المتصلة بمراكز البحث ذاتها، فتمس محدودية إشعاع هذه المراكز البحثية، وضعف جاذبيتها في خلق طلب على إنتاجها ومخرجاتها، إضافة إلى ضعف مواردها البشرية والمادية، مما يجعل مهمتها عسيرة  في الإنتاج المعرفي وفي تكوين باحثين متخصصين.

هذه العوائق مجرد أمثلة مقتضبة تنتظر من الباحثين تحليلها وتذليلها، ورصد سبل توسيع آفاق أثرها، واستنبات الثقة اللازمة تجاه المراكز، بهدف تعزيز قناعة المجتمع وصانعي القرارات بأهمية منتجها المعرفي والبحثي، وتطوير آليات عملها،و رسملة إنتاجها المعرفي وتثمينه. ولا يمكن التغافل عن بحث ما يثار من فرضيات حقيقية أو متخيلة حول ارتباطات المراكز البحثية، بدوائر النفوذ، في اتجاه ملامسة مساحات استقلاليتها وطرائق تحررها من الشروط الضاغطة؟