حادث شارلي إيبدو: واقع الإقصاء ومبدأ الحق في التعبير مقاربة متعددة الزوايا
نظم مركز الدراسات و الأبحاث الإنسانية -مدى- يوم السبت 24 يناير 2015 مائدة مستديرة بعنوان حادثة شارلي إيبدو : واقع الإقصاء ومبدأ الحق في التعبير من خلال مقاربة متعددة الزوايا. لامست تفاعل هذا الحادث الإرهابي مع السياسة الخارجية الفرنسية وعلاقاتها الجيوسياسية، و أزمة العلمانية الفرنسية، إلى جانب علاقة مسلمي فرنسا بتراثهم.
و تطرقت مداخلة د. رضوان رشدي إلى علاقة العنف بالتراث الإسلامي، معتبرا أن التنديد بالعنف و رفضه هو خيار مبدئي. فالعنف ينحدر بالإنسان إلى مراتب الدوابية التي تجعله أسير غرائزه الحيوانية المدمرة التي تنذر عند استفحالها بخراب العمران حسب عبد الرحمان بن خلدون. فتجليات العنف اليوم بادية، حيث اتخذت أبعادا متطرفة، نذكر هنا على سبيل المثال لا للحصر الهجوم المسلح على مدرسة تعليمية في باكستان، ما أودى بحياة العديد من التلاميذ الأبرياء. و لفهم هذا العنف المتطرف، لابد حسب الباحث رضوان رشدي من مقاربة تاريخية، تمكن من فهم الجذور الإيديولوجية لهذا الفكر المتطرف الذي هو فكر شكلاني، يتماهى مع حرفية و سطحية الخوارج.
في حين بينت مداخلة د. مختار بنعبدلاوي إلى أن السيرة الذاتية للأخوين تبرز فشل فرنسا على المستوى الداخلي في حل مشكل التهميش الذي تعرفه الأحياء الهامشية، حيث تصل نسب البطالة في صفوف شباب هذه الأحياء إلى أربعين في المائة . بينما خارجيا تتحمل السياسة الخارجية الفرنسية مسؤولية الحادث الإرهابي الذي ضرب مجلة شارلي إيبدو نظرا للدعم الذي قدمته لمجموعة من الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية، فقد تواطأت فرنسا مع كبار جنرالات في الجزائر من أجل إيقاف المسلسل الديمقراطي داخلها، و توفير حماية لكبار قادة العسكر الجزائريين من المتابعات القضائية الخارجية .
في السياق ذاته، أكدت مداخلة د. محمد الغيلاني إلى أن حادثة شارلي إيبدو هي مشكلة فرنسية محضة، بحكم أن الفاعلين فرنسيون و الضحايا هم كذلك، مشيرا إلى أن الصلة التي تربطنا بالموضوع هي صلة الإسلام. و قد تناولت مداخلة الغيلاني تفاعل الحادثة الإرهابية مع أزمة العلمانية الفرنسية، ومشكل تدبير الحقل الديني الفرنسي، ومشكل حرية التعبير في فرنسا. انطلاقا من هذه الزوايا، أورد الأستاذ الغيلاني مضمون الخطاب الإعلامي الفرنسي التزييفي الذي اعتبر الحادثة من الحوادث الأكثر دموية منذ القرن التاسع عشر، معتبرا أن هنالك أقلام فرنسية أخذت مسافة من الخطاب الإعلامي الرسمي، حيث اعتبر مثلا الصحفي الفرنسي دافين فانسو في تصريح جريء أن صحفي شارلي إيبدو ليسوا شهداء للحرية. الأمر الذي يبرز أن فرنسا ليس لها موقف واحد مما وقع، بل هنالك مواقف تغرد خارج الخطاب الإعلامي الرسمي.
وفي تفاعل الأستاذ قتيبة قاسم العرب رئيس مجلس جقوق الانسان سوريا مع المداخلات، فإنه ندد بدوره بالاعتداء الإرهابي على شارلي إيبدو، معتبرا أن الإرهاب يتجلى في نفس الوقت عند الإساءة لمشاعر المسلمين. فالحرية حسب الناشط الحقوقي تنتهي عندما تتجاوز حدود الغير و خصوصياته، معتبرا أن هنالك لا مساواة على مستوى احترام خصوصيات الفرنسيين، بحيث لا يمكن التطاول على السامية، بينما يجوز انتهاك خصوصيات مسلمي فرنسا. هذا الوضع يحرض على الكراهية و العنصرية، الأمر الذي جعل منظمة العفو الدولية في شخص جون دالهاوزن تشير إلى أن «طريقة تصرف السلطات الفرنسية في أعقاب عمليات القتل المروعة في باريس تشكل اختباراً حقيقياً لالتزامها بحقوق الإنسان»، مشددا في نفس الوقت على ضرورة احترام الحكومة الفرنسية لمواثيق حقوق الإنسان الكونية.