أضيف في 4 يوليوز 2017 الساعة 16:36

ندوة المهرجانات الثقافية بين مطلب الحكامة ومتطلبات التنشيط الثقافي والسياحي


ندوة المهرجانات الثقافية بين مطلب الحكامة ومتطلبات التنشيط الثقافي والسياحي

نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية - مدى بالتعاون مع جمعية المنظر العام للتنمية ندوة تحت عنوان: "المهرجانات الثقافية بين مطلب الحكامة ومتطلبات التنشيط الثقافي والسياحي" وذلك يوم الجمعة 18 يناير 2013 بالخزانة البلدية بسيدي البرنوصي. تميز اللقاء بحضور شباب فاعلين في العمل الثقافي والجمعوي، حيث أشرف على تأطير هذه الندوة ثلة من الأساتذة الباحثين والصحفيين المهتمين بالشأن الثقافي في المغرب، إضافة إلى مسؤولين عن مهرجانات فنية ومسرحية بمدينة الدار البيضاء، وفاعلين في الحقل الجمعوي والمسرحي، الشيء الذي أغنى النقاش في موضوع الندوة التي أشرف على تسييرها الأستاذ عبد الكريم جدي عضو مركز مدى حيث قدم كلمة ترحيبية بالحاضرين والأساتذة المتدخلين، مذكرا بالسياق العام الذي دعا إلى انعقاد هذه الندوة والإشكاليات التي يطرحها موضوع المهرجانات الثقافية في المغرب


المداخلة الأولى كانت للأستاذ خالد العثماني، باحث ومدير مهرجان أنفا تحت عنوان: "أي دور للدولة في تنظيم المهرجانات الثقافية؟"، حيث بدأ مداخلته بالتأكيد على أن تنظيم المهرجانات هو عمل إيجابي على المستوى الثقافي والاقتصادي، ويساهم في الحركية الثقافية و الفنية بالمغرب. ثم عرج إلى الحديث عن أنواع المهرجانات حيث حددها في 3 أنواع هي: المهرجانات الخاصة بإحياء التراث التي تنظمها وزارة الثقافة، والمهرجانات الترفيهية التي يكون هاجسها اقتصادي بالأساس، والمهرجانات التي تقدم الإبداعات الجديدة كالمسرح ويكون هدفها هو تبادل الخبرات والتواصل الثقافي. انطلاقا من هذا التصنيف تحدث ذ- العثماني عن خلفيات وأهداف المهرجانات حيث أبرز أن هناك تعدد في الخلفيات فهناك الخلفيات الثقافية، والخلفيات السياسية المرتبطة بالحملات الانتخابية السابقة لأوانها، وهو ما ينطبق على المهرجانات المحلية المنظمة في المقاطعات. وختم مداخلته بالحديث عن دور ومسؤولية مجموعة من الفاعلين في تنظيم قطاع المهرجانات بدءا من الدولة ممثلة في وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية والداخلية، مرورا بفاعلين آخرين في المجال خاصة شركات الانتاج والمركز السينمائي المغربي والمجتمع المدني والمجالس المنتخبة.
أما المداخلة الثانية فكانت للأستاذ حمادي كيروم وهو أستاذ جامعي ومؤسس ومدير مهرجان سينما المؤلف بالرباط تحت عنوان: "المهرجانات الثقافية بين الهواية والاحتراف"، الذي تحدث في بداية مداخلته عن أن الفرح أصيل في الثقافة المغربية، وهو حق أنثربولوجي وإنساني، وأن الحديث عن المهرجانات يعني الحديث عن الفرجة التي أصبحت تباع كسلعة، معطيا المثال بمهرجان موازين الذي كان في بدايته مهرجانا لموسيقى أمريكا اللاتينية، ثم تحول إلى مهرجان يجذب أشهر الفنانين العالميين والمغاربة ويدر مداخيل مالية كبيرة. ركز ذ- كيروم على إشكالية الهواية والإحتراف في المهرجانات مقدما عددها في المغرب وهو أكثر من 160 مهرجانا، من هنا يطرح السؤال الأساسي هو كيف يمكن التحول إلى الحرفية وإلا ستسقط المهرجانات في مشكل البريكولاج كما سماه ذ- كيروم الذي أعطى نسب المهرجانات حسب معيار الحرفية كالتالي: 70% بريكولاج، و 20% هواة، و 10% حرفية، وعبر في نهاية مداخلته عن أن بيع الفرجة أصبح مرتبطا بالعمل الاحترافي خاصة في ظل وجود دفتر التحملات خاص بالمهرجانات التي أصبحت مرتبطة بالقوانين والنزاهة وأخلاقية المهرجانات.

المداخلة الثالثة قدمها ذ- إسماعيل بوقاسم وهو صحفي ومدير مهرجان بنمسيك للمسرح تحت عنوان: "المهرجانات الوطنية بين دعم الدولة ودعم القطاع الخاص". تناول ذ- بوقاسم في البداية مسار دعم الدولة ووزارة الداخلية للمهرجانات والمواسم، وبعد ذلك ظهور جمعيات السهول والأودية وهيمنتها على تمويل المهرجانات، وتحدث عن سيطرة بعض الأسماء النافذة في الدولة على تنظيم المهرجانات وتمويلها، ثم تطرق إلى الحديث عن أنواع المهرجانات وحددها في: مهرجانات المجالس الانتخابية التي يكون هاجسها انتخابي بالأساس، ومهرجانات وزارة الثقافة، ومهرجانات الجمعيات، وأخيرا المهرجانات العملاقة التي تحضرها وتمولها الشخصيات الكبيرة، وختم مداخلته بالدعوة إلى ضرورة افتحاص و مراقبة مالية المهرجانات ضمانا لشفافيتها المالية.

تناول الأستاذ سعيد الطنور وهو فاعل جمعوي ومسرحي في المداخلة الرابعة موضوع "ملاحظة حول دعوات النقاش في المهرجانات الوطنية"، حيث اعتبر أن المهرجان هو لحظة للنقاش والتواصل والتفاعل الثقافي، مبرزا مشكل غياب التعريف بالمهرجانات في المدن المغربية للترويج والإشعاع الثقافي والاقتصادي، واعتبر أن المهرجانات بعيدة عن تحقيق الهوية الثقافية للمغرب، وأغلبها ينظم لتضييع الوقت إلا بعض المهرجانات الاحترافية والهاوية التي يكون هدفها ثقافي بالأساس. ثم تناول مسألة الاختيارات الفنية معطيا مثال مهرجان مراكش للسينما الذي عرض خلال دورة 2012 فيلمين مغربيين دون أفلام أخرى مما يطرح سؤال عريض هو أن بعض الاختيارات الفنية تكون موجهة من طرف جهات معينة. وبعد ذلك تطرق ذ- الطنور إلى غياب المهرجانات الثقافية الخاصة بالشعر والقصة متسائلا عن إلى أي حد يسير المغرب في هذه الاختيارات الثقافية العشوائية، و ختم مداخلته بالحديث عن مشكل الدعم والتمويل معتبرا أنه ليس من العيب أن يصرف المغرب أموالا لتنظيم المهرجانات لكن السؤال هو ماذا استفاد المغرب ثقافيا وفنيا من هذه المهرجانات.
أما المداخلة الخامسة والأخيرة فقدمها الأستاذ محمد جليد وهو صحفي بجريدة أخبار اليوم مهتم بالشأن الثقافي تحت عنوان: "المهرجانات الثقافية وسؤال التحقيق"، حيث طرحت هذه الورقة سؤال التحقيق بمعناه الواسع في موضوع تتسع في هوامش العتمة والغموض، فالتحقيق حسب ذ- جليد يجب أن يرافق هذه المهرجانات في كل دوراتها وتجلياتها، فمن المفروض طرح سؤال أساسي لماذا اندثرت المواسم خاصة في البوادي والمدن ليحل محلها المهرجان؟ فالإجابة التي ستقدم حول هذا السؤال ستكون هي أن الحداثة تفرض الانصهار في صناعتها الجماهيرية، لكن أليست المواسم ثقافة جماهيرية بالمعنى الذي تطرحه مدرسة فرانكفورت؟ ألم تحافظ أوربا على تراثها الثقافي في صهر مهرجاناتها الثقافية الجديدة رغم انخراطها الفعلي في الحداثة، على غير انخراطنا نحن المراوغ والسطحي؟ هذه الأسئلة تشكل حسب ذ- جليد موضوع تحقيق بحثي في اتجاهات الثقافة بصفة عامة وأيضا في اتجاه مستوى ثان من التحقيق هو التحقيق الصحفي حيث توقف عند حالتين الأولى فنية تتعلق بمهرجان موازين، والثانية تظاهرة ثقافية تتعلق بالمعرض الدولي للنشر والكتاب راصدا الأسئلة المتعلقة بالجهة المنظمة لمهرجان موازين وميزانيته ومسألة السلامة الجسدية للمتفرجين وعدم فتح التحقيق في حادث مقتل أشخاص في حفل الفنان عبد العزيز الستاتي، ثم انتقل الأستاذ جليد إلى الحديث عن المعرض الدولي للنشر والكتاب طارحا أسئلة صحفية حول سبب تأجيله مبرزا مجموعة من الوقائع التي تدحض التبرير الرسمي الذي قدمته وزارة الثقافة، إضافة إلى بعض المعطيات التي تفسر الأسباب الحقيقية لهذا التأجيل غير المفهوم. وفي نهاية مداخلته أكد ذ- محمد جليد أن طرح سؤال التحقيق في جميع المناحي المتعلقة بالمهرجانات الثقافية غرضه واحد يروم أن يجعل من التحقيق آلية من آليات الحكامة، غير أن الاحتراز الشديد والحيطة من طرف الفاعل الرسمي تجاه المحقق سواء كان باحثا جامعيا أو صحافيا تحول دون أن يصبح التحقيق آلية من آليات النزاهة والشفافية.
وفي نهاية الندوة فتح النقاش بين المتدخلين والحاضرين، حيث تمحورت التدخلات في العديد من القضايا والإشكالات المتعلقة بالقيمة المالية لبعض الفنانين الذين يتم استدعائهم للمهرجانات، وعلاقة الدولة بتنظيم هذه المهرجانات وسياسة الدولة في المجال الثقافي، وغياب الاهتمام بالإبداعات الثقافية كالمسرح والقصة والقصة القصيرة، وفي الأخير تم التأكيد على أن المغرب في حاجة إلى سياسة ثقافية هادفة تبرز تنوعه وانفتاحه الثقافي والرغبة في الرقي بالثقافة المغربية خدمة للمجتمع المغربي.

 



شاركو بتعليقاتكم
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




شاهد أيضا